top of page
IMG-20241001-WA0072_edited.jpg

مقالات.أدب

الاســـــلام الفلكلــــوري 

SHARE

بقلم : مصعب الأحمد بن أحمد 

تنزيل (2).jpeg


صادف خروجنا من المسجد ، خروج فتاة محجبة ، ولم تبتعد عن الباب كثيرا حتى خلعت الحجاب عن رأسها والعباءة عن جسدها ، وخرجت سافرة متبرجة . 
قال صديقي هل رأيت هذا ؟ قلت نعم  ، قال أليس عجبا ! 
قلت : لا تتعجب ياصديقي  ...
ماتزال المرأة في مرحلة نزاع حتى ينتصر الطرف الاقوى! .. 
في ظل قلة المصلحين الصادقين ، وضعف الخطاب الديني ، وقوة الخطاب الآخر ، وتحكمه بالسياسة العامة  ، وشراسة الاعلام المفسد المضلل ،الذي يعبث منذ زلزال التلفزيون ووسائل التواصل ، لم تعد الأمور كما كانت  ، وربما لن تعود ، ذاك الاعلام الذي يسعى من يومها الى تفريغ الاشياء من معانيها ، والفصل بين اللفظ والمعنى ، لا عجب أن ترى انسانا لايصلي ، ويحرص على الصيام ، وربما لايصوم ولايصلي ويحرص على صلاة التراويح ، وربما ترى من لايؤدي زكاة ماله في الصف الأول من المسجد ، وترى سافرة تقرأ القرآن ، ومن يحفظ القران ويقوم الليل يقف مع القتلة ويؤيد الظلمة ، لا عجب ان ترى شابا يحفظ القران باتقان ويطرب الاسماع به وهو لايقف عند حدود الله ، بل وربما يزني ويسرق ، وتجد داعية ملأ الإعلام وشغل الناس وهو سارق  عابث بحدود الشرع ، يفعل اعظم العبادات ويركتب اعظم الفواحش .  
اول السقوط هذا ، حيث التفريق بين عبادة وعبادة وبعض التفريط القليل ، ثم يتبع الشهوات وتزيد ضراوتها ، ويستمر بالسقوط حتى يجلس في القاع. 
تحولت صلاة الجمعة ، والعيدين ، وقراءة القرآن وحفظه ، والصيام ، والحج ، والحجاب ، عند البعض إلى فلكلور اسلامي ( اجواء وطقوس لزوم الوصف ) ، تماما كزينة رمضان ، وكعك العيد ، واناشيد المناسبات، والاعياد الوطنية  . 
قيل لاحدهم كيف تصوم ولا تصلي ، قال وهل بلغ بنا الكفر الى هذا المبلغ ؟ لا نصلي أتريدون ان لا نصوم أيضا  ؟ 
ذكرني هذا بجارة كانت لنا ، تتحجب خارج العمل ، وتترك الحجاب في عملها ، بدعوى ان لكل مقام مقال . 
ابلغ احتلال ، واقذر سحيق يمكن ان يبلغه بنا اعداؤنا هو تحويل الدين من (منهج حياة)  الى (فلكلور حياة) ، من فاعل في النفوس ووقود للاشتعال الى آلة صماء وسيارة لا تعمل . 
أن يكون الدين منهج حياة يعني ان يتحرك الانسان في حياته وفق منهج الله ، ويصاحب لله ويعادي لله ، ويغضب ويرضى ويقسم ويحسم ويأخذ ويترك ويكون كل امره لله  . 
هذه الكارثة فما العلاج ؟ 
العلاج في أمرين لاثالث لهم ، 
تقوية المناعة الذاتية ، والابتعاد عن اسباب العدوى . 
اما تقوية المناعة فهي واجب الآباء ، والعلماء  ، والمعلمين ، ويكون بزرع الاسلام الحقيقي في نفوس الناس والتركيز على المضمون لا الشكل ، 
لا تعط جائزة لحافظ قران ابدا ، بل راقب سلوكه واعطه جائزة على تطبيق القران وعلى رؤيتك للقران في عمله ، لا تكن انت فلكلوريا لان ابناءك يقتدون بك ، ولا تراك تثني على فتاة تلبس نصف حجاب بدعوى أنه خير من لا شيء ، لان نصف الشيء في هذا كلا شيء تماما  ، كمن صلى الفجر ركعة واحدة ، فالذين يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض لا قيمة لايمانهم . 
لا يغرنك متصدق بقليل او كثير وانت ترى مواطأته لاعداء الشريعة ووقوفه ضد دين الله  . 
لايفتننك فتعظّم صاحب عمامة يملأ المنابر بكاء وتضرعا حتى ترى عمله عند دين الناس واموالهم . 
لايغرنك حاكم او عالم او قائد يتباكى على القدس والأقصى ، ويدعي المقاومة  ، ويلبس كوفية ويذرف الدموع ، وعندما تسنح له فرصة حقيقية للدفاع عن الاسلام في ثغر من الثغور يتحول الى شارون جديد  ، يضع يده في يد مجرم يمول قاتلا ثم  يشجب ويندد بالقاتل وهو ربيب سيده .  
ليس خطابنا هذا دعوة الى ازالة هؤلاء جميعا ولا يعني ذلك ان تتبرأ منهم على الجملة بل اجعل من الصورة البيانية الظاهرة اساسا تبني عليه ، ومدخلا تلج منه لتصلح ما فسد وترتق ما فتق والكلام دعوة الى التصحيح لا الهدم ، وكم يكون الهدم بداية التصحيح . 
اقبح ما يفعله الدعاة تطويع الدين لرغبات الناس وسوء اخلاقهم وتمييعه ليتماشى مع المذاهب الهدامة والنفوس الضعيفة بحجة استمالتهم لنا ، وبحجة انه يريد احتواءهم ومنعهم من الانخراط في التيارات الفكرية الملحدة والشاذة . واقبح منه ان لايعلم اصحاب هذا الخطاب ومؤسسوه ،من الذين يواكبون شعارات الليبرالية والعلمانية والنسوية وغيرها هم اصلا ان تكلموا بالدين ،فانما يستعملونه   كحصان طروادة لانهم يعلمون انه لايمكن لدعوتهم ان تصل الا بهذه الطريقة .
الذين يدعمون الولي الفقيه ، هم انفسهم الذين ينكرون اسلمة دول أخرى ، ويحاربون الاسلام في مظانه . 
الذين يدعون الى التسامح بين الأديان ، واذابة الفوارق العقدية بينها هم انفسهم من يدعمون الفرق والجماعات العرقية والاثنية والاسلامية للتفريق بينها . 
هم يسعون إلى اذابة الفوارق بين الأديان لتفريغ الدين من محتواه ، وضربه بخلاط المعتقدات الأخرى كمرحلة أولى لسحق معالمه وتشويهه وتحويله إلى فلكلور . 
أعداء الاسلام يعلمون أن الحرب على الاسلام والمسلمين مباشرة ستكون تكلفتها عظيمة ، واخطاره جسمية ، بل ربما يزيد المسلمين تمسكا بدينهم ، وقد تخرج الامور فيه عن السيطرة الجغرافية ، فلا بد اذا من ابقاء الاسلام الفلكلوري كخطاب يقال فيه ، ان الغرب ليس ضد الاسلام ، بل ضد بعض افكاره وخاصة تلك ( التي هي ذروة سنام الاسلام )  ، فيعملون على الغاء والعبث ببعض الاحكام التي تدعوا الى الجهاد والقتال والمفاصلة والولاء والبراء ، تزامنا مع نشر الفجور والفواحش ،وتشويه الصورة النمطية في اذهان الناس ، وتفريغ الدين من محتواه الحقيقي والاكتفاء بالقشور ، تلك التي لن تصمد امام السيل الجارف القادم . 
بمثل هذا تم العبث بالم.سيحية التي هي اصلا حرفت وبدلت قبل قرون كمرحلة اولى ثم تم العبث بها ، ثم تم فصل الدين فيها عن الدولة ، ثم حصرها في طقوس ومراسم صورية لاتغني ولاتسمن من جوع ،ولكن لم لم يتم محوها من الخريطة ، وازالتها تمام ؟ 
لان هذا ليس  سياسة ولا صواب به  ،فهي موجودة كطقوس ، لكي تحتوي جمهور المسيحيين ، وتمنعهم عن البحث والدخول في الديانات الاخرى ، ولكي لا يخسر اربابها الاتباع ولكي يستعملوهم عند الحاجة لحرب الآخرين . 
في تعاملهم مع الاسلام لايمكنهم ازالة خمس البشرية بتلك البساطة وازاحة اعظم ديانات الارض ، فكان لا بد من التفريغ اولا ليخف الجمل وتسهل قيادته . 
ثم كانت المرحلة الأخرى ، وهي فتنة فصل الاسلام عن الدولة والسياسة ، ودعوات محاربة الإسلام السياسي ، واتهام كل من يدعوا الى الحاكمية للاسلام بالتطرف لسهولة استباحته . 
العلاج الثاني : بالابتعاد عن اسباب العدوى ، فتقوية المناعة مع التعرض لسيول الفيروسات ليس حلا ، بل الحل في الابتعاد عن كل هذا ، دون انفصام عن الواقع ، بل مع تصحيح لمفاهيم وتصويب لافكار . 
الابتعاد عن مواطئ الفساد والافساد وتقليل مخاطرها ، والتسلح بالعلم الصحيح الذي يهتم بالجوهر قبل المظهر ، ويبتعد عن التدين الصوري الذي لا ينفعه دنيا ولا آخرة هو الذي يغلب جانبي الصراع ويحسم النزاع بين الالتزام وعدمه . 
لايعتقدن أحد أن الاداة الاعلامية في منأى عن السياسة بل هيك يدها وسيفها وتم وسيتم العبث بالوعي الجمعي ، والمسلمات الدينية ، والتفريغ المتوالي ليصلوا الى فقاعات وظواهر صوتية . 

 

التدين الفلكلوري كارثة لانه يشعر صاحبه انه على شيء وليس كذلك .. 
المزيد من مقالات الكاتب مصعب الاحمد بن احمد

bottom of page