الحروب والمرجفون في الأرض
لم يحارب الناس ؟
ايسعون لتحقيق التعدالة والديمقراطية ؟ أم لبث الامن وقمع الظلم ؟ أم بحثا عن أمن مستدام ورفاهية ؟
هب أنهم حاربوا لأجل ذلك كله ، أكانت حالهم بعد الحرب أفضل من حالهم قبلها ؟ أليس الحرب أكبر كارثة تدمر البلاد والعباد وتعيدها الى عصور الظلام ؟
أليس من الخطل ان يشحذ هؤلاء السيوف ويحملوا الرايات ويدقوا الطبول ثم ما هي الا ايام فيعودون بعشرات آلاف الجرحى ، وذوي العاهات والجثث، وقد فني نصفهم ورأوا من الاهوال ما يعيشهم بقية عمرهم في امراض نفسية ومعاناة جسدية ، وكل ذلك ليقولوا قد انتصرنا!
ليتهم مافعلوا ولا انتصروا ..
أليس من الخطل ان تحاول العين ان تقاوم المخرز وتسعى القشة لتواجه العاصفة ؟ ويقاوم الرجل ليقال مات رحمه الله ثابتا !!
ماكان ضره ان يعيش في اسكتلنده في اطراف العالم يحتسي خمر النشوة كل مساء وليقل من يقول فرّ من بلاده لعنه الله ..
اليس تلقي اللعنات وانت فوق الارض انعم من تلقي الرحمات وانت في حفرة موحشة تأكلك الديدان ..
ثم عن أي جهاد- ويحك- يتكلمون ؟ و اي احياء لدولة فانية يزعمون ؟
أليس الصحابة في التاريخ قد فروا عند عدم تكافئ العَدد والعُدد ؟ والتفاوت اليوم يعدل ألف مرة ما كان من قبل ، أليس من القاء النفس والقوم والبلاد في التهلكة أن أواجه سبعين دولة صليبية ، بسلاح أرجى مايقال فيه انه خفيف ،
فهل يمكن للقشة ان تصمد في وجه العاصفة ليقال ما اعظمه من قشة اسطورة وقد قيل فما نفع ذلك ؟ أليس السعي لانعاش الميت من خطل الرأي وأن الأقرار بموته بعد أن كان الرجل المريض أوفر لحياة أنعم ؟
اليست اليابان والمانيا استسلمتا للهزيمة انظرا اين هما الآن ؟
ثم ماذا حققت حماس سوى خمسين ألف قتيل ومائة ألف جريح حتى الان وبلد تم مسحها عن الخارطة كانت تنعم ببعض النمو؟ أليس الطوفان الذي يزعمونه هم أول الغارقين فيه ؟
اليس عجيبا ان يضع الشباب انفسهم بين مقصلتين اما الموت بسيف( الجهاد ) او الموت امام شاشة التلفزيون كمدا وضياعا ..
ثم اليس ادعى للمرء ان يتأمل نفاق الشيوخ الذين يدعون للجهاد في كل مكان الا في بلادهم ، ويحرضون على كل احد إلا ولي أمرهم ؟ اهؤلاء يؤخذ منهم ؟
يضم أحد المرجفين صورة اشلاء لأطفال ابرياء ويتسائل ؟ أليست صور كهذه تدعوا الى الاستسلام ؟ ألا يستحق مشهد كهذا أن نلقي السلاح ونحفظ البقية الباقية ونعد جيدا للمعارك بعيدا عن العنتريات الفارغة ؟
ولعمري لماذا عليّ أن انام باكيا واستيقظ باكيا على وقائع مجزرة هنا وهناك لطفل مات محروقا وآخر محطما ، لاثبت للناس ولنفسي أنني لست نذلا واني انسان طبيعي لست مسخا لايشعر ؟
يزيد المرجفون من غلواءهم فيقولون : كنا عايشين ؛ كان النَّاسُ بنعمون بهدوء ويأكلون ويشربون فهل كان الأمرُ يستحقُّ؟!!
ولعمري ماذا استفدتم من دعوات المقاطعة سوى انكم ضررتم اقتصاد بلدكم واوقفتم حال الكثير من شبابكم لفقدهم فرص العمل ؟
يقولون : الآن سيظهر الجهاديون يتكلمون في القتال والغزوات والشهادة ليسرقوا المساعدات وينظروا على الناس ..
ولعمري عن اي ثورات تتكلمون ؟ ما من نظام ثرتم عليه الا عاد بلبوس اخر ، بل اقذر مما مضى اما كفاكم ما تدعون اليه من ثورات وما تخربون البلاد لاجله ؟
ولكل ما سبق من المرجفين اقول :
نعم قد يعود الحكام او اربابهم ولكن هكذا هي الثورات ، أن أشهر ثورات العالم (الفرنسية) أسقطت النظام الوراثي ثم عاد ، ثم أسقطته ، ثم عاد ،ثم أسقطته ولم يعد أبدا..
نعم سيظهر الجهاديون وهذا مدح الرسول صلى الله عليه وسلم لهم : "الذين يُصلحون ما أفسد الناس من سنتي" فطوبى لهم .. سيظهرون ليطهروا الارض من المغتصبين والمستمتعين به ..
يحكى ان رجلا اغتصبوا زوجته امامه ولما فرغوا طلقها ، فقالت وما ذنبي انا الا ترى اني مكرهة ؟
قال مكرهة نعم ولكن لم كنت تتأوهين ؟ ! لولا انها مستمتعة بالشيء ..
اما الذين كانوا يأكلون ويشربون وينعمون بسلام زائف ، فهذا لعمرك هو شأن البهائم ! أنّها لا تُفكِّرُ إلا بالعلف! تسمنُ بهدوءٍ لتُذبحَ نهاية المطاف أما معاني الكرامة والشرف والانفة والاباء فمعان انسانية لم تسمعْ به البهائم يوماً!
اما دعوات المقاطعة فان الاقتصاد هو عصب الحروب وهما شريكان في الاثم فضرب احدهما هو ضرب للاخر ، وليصبر بعض شبابنا في سبيل دعم اخوانه ..
ثم لماذا عليك ان تنام باكيا لمجزرة ؟
فلا داعي ان تفعل لتثبت لنفسك انك انسان فمهما فعلت لن تثبت ..
ثم ان الثمن الذي تستكثره لمجرد ان يقال ويقال ، من قال لك اننا ندفعه نحن لاننا نهتم لما يقال؟ بل لما سيكون عليه الحال يوم الحساب ذاك اليوم الذي لعلك ما سمعت به ، نحن نعيش لاجله ونموت لاجله .
الثمن الذي تستكثر دفعه بالحرب ستدفع اضعافه بالسلام ايها الاحمق ..
ثم ما هي البلاد التي تخشى تدميرها ؟ و اي اقتصاد ترهب بواره ؟ هل تسمي هذه البلاد وتلك الاكوام وهاتيك الحجارة بلادا ؟ وهل هذه الماديات اثمن للانسان من الجوهر ؟ هكذا ينظر العجل تماما الى قطعة الذهب يدوسها بقدمه ، لانها لا تمثل له معنى ، ويلهث وراء البرسيم فهو عنده اثمن من الذهب والالماظ ..
ياهذا ان كنا نألم فهم يألمون كما نألم ونرجوا من الله ما لا يرجون ..
يا هذا : كل احرار العالم ورجال التاريخ وثوار الدنيا عرفوا قيمة الحرية وبذلوا لاجلها كافرهم ومؤمنهم ومجوسهم وسيخهم ويهودهم وصليبييهم وانت وحدك تستكثر الثمن ؟ وانت وحدك تستصعب الغاية ، وانت وحدك تسفه الاحلام ..
اي جراحة في الدنيا لتطهير الجسد تتم دون نزف ؟ واي نجاة دون طوق نجاة ؟ واي وصول دون سبيل شاق ..
ثم من قال لك انها عنتريات فارغة ؟ وارقام مهولة ؟ أتعلم ياهذا ان من يموت بحوادث السير سنويا اكثر بعشرات الاضعاف ممن مات بهذه المعارك ؟ نحن نحترم الارقام لكنها لا تمثل لنا الا حصى في بناء المجد ..
ثم يا هذا ؟ أخبرني عن امة في التاريخ تحررت دون نزف ؟ دون جهاد؟ دون أشلاء ؟ دون دمار ؟دون ضحايا ؟ واخبرني عن أمة هزمت واستسلمت كيف هي الآن ؟ اعني بمقاييس الانسانية والبشرية والحرية والعدالة والمكانة ، لا بمقاييس الاقتصاد والمال واللقمة ..
يا هذا من عرف قيمة الحرية والعدالة والمساواة والكرامة فضل أن يموت ألف مرة قبل أن يفقدها .. فقط من عرفها ..
